الاثنين، 24 مايو 2010
على مبارك - أبو التعليم فى مصر
ولد علي مبارك في قرية برنبال الجديدة التابعة لمركز دكرنس بمحافظة الدقهلية سنة 1824م لأسرة كريمة ، وحفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بمدرسة الجهادية بالقصر العيني سنة 1835م وهو في الثانية عشرة من عمره، وكانت المدرسة داخلية يحكمها النظام العسكري الصارم، وبعد عام ألغيت مدرسة الجهادية من القصر العيني، واختصت مدرسة الطب بهذا المكان، وانتقل علي مبارك مع زملائه إلى المدرسة التجهيزية بأبي زعبل، وكان نظام التعليم بها أحسن حالاً وأكثر تقدمًا من مدرسة القصر العيني . وبعد أن أمضى علي مبارك في مدرسة أبي زعبل ثلاث سنوات اختير مع مجموعة من المتفوقين للالتحاق بمدرسة المهندسخانة في بولاق سنة 1839م ، وكان ناظرها مهندس فرنسي يسمى "يوسف لامبيز بك"، ومكث علي مبارك في المدرسة خمس سنوات درس في أثنائها الجبر والهندسة والطبيعة والكيمياء والمعادن والجيولوجيا، والميكانيكا والديناميكا، والفلك، ومساحة الأراضي وغيرها، حتى تخرج فيها سنة 1844م بتفوق، إذ كان أول دفعته باستمرار. و قد اختير علي مبارك ضمن مجموعة من الطلاب النابهين للسفر إلى فرنسا في بعثة دراسية سنة 1844م ، فاستطاع بجِدّه ومثابرته أن يتعلم الفرنسية حتى أتقنها، ولم يكن له سابقة بها قبل ذلك ، وبعد أن قضى ثلاث سنوات في المدرسة المصرية الحربية بباريس، التحق بكلية "متز" سنة 1847م لدراسة المدفعية والهندسة الحربية، وظل بها عامين، ثم التحق بعدهما بالجيش الفرنسي للتدريب والتطبيق، ولم تطل مدة التحاقه ، إذ صدرت الأوامر من عباس الأول الذي تولى الحكم في (27 من ذي الحجة 1264هـ= 24 من نوفمبر 1848م) بعودة علي مبارك واثنين من زملائه الملتحقين بالجيش، فعادوا جميعًا إلى مصر سنة 1851م . وبعد عودته إلى مصر عمل بالتدريس، ثم التحق بحاشية عباس الأول مع اثنين من زملائه في البعثة، وأشرف معهما على امتحان المهندسين، وصيانة القناطر الخيرية، ويقوم معهما بما يكلفون به من أعمال الهندسة، حتى أحيل عليهم مشروع "لامبيز بك" الذي كُلّف بإعداد خطة لإعادة تنظيم ديوان المدارس وتخفيض أعباء الإنفاق، فعرض على عباس الأول مشروعًا لتنظيم المدارس تبلغ ميزانيته مائة ألف جنيه، فاستكثر عباس الأول المبلغ، وأحال المشروع إلى علي مبارك وزميليه، وكلفهم بوضع مشروع أقل نفقة. فوضع مشروعًا لإعادة تنظيم المدارس تبلغ ميزانيته خمسة آلاف جنيه، وتقدم به هو وزميلاه إلى عباس الأول الذي استحسنه لأنه يمشي مع هواه في تخفيض الإنفاق، وكلف علي مبارك بنظارة المدارس وتنفيذ المشروع والإشراف عليه، ومنحه رتبه "أميرلاي"، وكان مشروعه يقوم على تجميع المدارس كلها في مكان واحد وتحت إدارة ناظر واحد، وإلغاء مدرسة الرصدخانة لعدم وجود من يقوم بها حق القيام من أبناء الوطن، وإرجاء فتحها حتى تعود البعثة التي اقترح إرسالها إلى أوروبا فتديرها. غير أن أعظم ما قام به علي مبارك، ولا يزال أثره باقيًا حتى الآن، هو إنشاؤه دار العلوم ذلك المعهد الذي لا يزال يمد المدارس بصفوة معلمي اللغة العربية ، كما أصدر مجلة روضة المدارس لإحياء الآداب العربية ، ونشر المعارف الحديثة. و قد ترك علي مبارك مؤلفات كثيرة تدل على نبوغه في ميدان العمل الإصلاحي والتأليف، فلم تشغله وظائفه على كثرتها وتعدد مسئولياتها عن القيام بالتأليف، وتأتي "الخطط التوفيقية" على رأس أعماله، ولو لم يكن له من الأعمال سواها لكفته ذكرًا باقيا، وأثرًا شاهدًا على عزيمة جبارة وعقل متوهج، وقلم سيّال، يسطر عملاً في عشرين جزءًا يتناول مدن مصر وقراها من أقدم العصور إلى الوقت الذي اندثرت فيه أو ظلت قائمة حتى عصره، واصفًا ما بها من منشآت ومرافق عامة مثل المساجد والزوايا والأضرحة والأديرة والكنائس وغير ذلك. وله كتاب "علم الدين" وهو موسوعة ضخمة حوت كثيرًا من المعارف والحكم، ويقع في أربعة أجزاء، تحوي على 125 مسامرة، كل واحدة تتناول موضوعًا بعينه كالبورصة، والنحل وأوراق المعاملة، والهوام والدواب. وإلى جانب ذلك له كتب مدرسية منها: تقريب الهندسة، وحقائق الأخبار في أوصاف البحار، وتذكرة المهندسين، والميزان في الأقيسة والمكاييل والموازين. و قد كانت نظارة المعارف في وزارة رياض باشا آخر مناصب علي مبارك، فلما استقال سنة 1891م لزم بيته، ثم سافر إلى بلده لإدارة أملاكه حتى مرض، فرجع إلى القاهرة للعلاج، فاشتد عليه المرض حتى وافته المنية في 14 من نوفمبر 1893م
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق